كتب - هانى زكريا
كتب مؤرخو الحملة الفرنسية عن مصر العديد من البطولات التى تشهد للشعب بالبسالة والتضحية، ومن هذه البطولات قصة "غلام الفقاعى" أو قصة أشجع ولد فى العالم كما سماه المؤرخان الفرنسيان "فيفيان دينون" و الجنرال "ديزيه" فى مذكراتهما .
وقعت أحداث القصة في ديسمبر عام 1798 في قرية صغيرة تدعى "الفقاعي" بمحافظة بني سويف ، حيث تمركز الجنرال "ديزيه" حتى يصله مدد من المدفعية ليستكمل غزو الصعيد ، وحدث أن لفت نظر ديزيه ذات ليلة اختفاء كمية من الأسلحة من المعسكر، ثم تكرر الأمر في الليلة التالية، ولهذا شُددت الحراسة والمراقبة فى المعسكر .
وخلال المراقبة رُصد صبيٌّ صغير يقال إنه كان يدعى "عبدالستار آدم" وعمره 12 عام فقط، يتسلل إلى المعسكر في الليل ويجمع ما يستطيع حمله من البنادق ، ليقدمها للمقاومة الشعبية ، فطارده جندي فرنسي حتى أصابه بالسيف فى ذراعه وأسره .
سمع "ديزيه" بأمر الصبي ، فاستدعاه للاستجواب سائلاً :
-لمَ تسرق أسلحة الجيش الفرنسي؟
- لأنها أسلحة أعدائي وأعداء بلادي.
-و من حرّضك على هذه الجريمة؟
- ألهمني الله أن أفعل ما فعلت .
-هل تعرف أن عقوبتك هي الشنق؟
- دونك رأسى فاقطعه .
أراد ديزيه أن يختبر شجاعة الصبي فأمر بإعدامه، وهنا ظهر معدن الصبي ، فلم يبكِ ولم يصرخ ولم يطلب العفو، لكنه رفع رأسه إلى السماء وتمتم ببعض آيات من القرآن الكريم ، أعجب ديزيه بموقف الصبي وصلابته ، فاستبدل الإعدام بالجلد 30 جلدة ، تحملها الصبي و لم يتأوه .
بعد انتهاء حكم الجلد قال له ديزيه : "يا بني، سأكتبُ في تقريري اليوم إنني قابلتُ أشجع ولد في الصعيد ، بل أشجع ولد في العالم كله".
وقد ذكره المسيو "فيفيان دينون" في كتابه "رحلة الوجه البحري و مصر العليا أثناء حرب الجنرال بونابرت" ، وكان شاهد للواقعة ، فقال :"عرضتُّ على الصبي أن أتبناه وأن أكفل له مستقبلاً سعيداً " ، فردَّ الصبي : "ستندم على تربيتي ، لأنني سأ.قتلك وأ.قتل معك من أستطيع من أعدا.ء وطني" وقال عنه الجنرال بليار فى يومياته : "إن هذا الصبى إذا عنى بتربيته كان ذا شخصية نادرة المثال" .